الأحد، 2 سبتمبر 2012

سياسة تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد العماني



لم يغب عن أذهان واهتمام واضعي السياسة الاقتصادية في السلطنة خطورة الاعتماد شبه المطلق على عائدات النفط والذي يمثل حالياً حوالي، 81% من الصادرات و 45% من الناتج المحلي الإجمالي. لقد تمثل هذا الاهتمام من جانب الحكومة بهذه المشكلة في العديد من الأمور منها:
أ – جاء في خطة التنمية الخمسية الأولى:
- من الطبيعي أن تكون الاحتياطات النفطية من نصيب الجيل الحاضر ولكن الثروة المشتقة منها يجب استثمارها لفائدة كل من الجيل الحاضر والجيل القادم، لذلك فإنه من المهم استخدام هذه الموارد المحدودة أفضل استخدام وذلك باستثمارها في مشاريع تنموية تعطي قوة للاقتصاد العماني.
-  أن أسس سياسة التنمية يجب أن تكون توفير المتطلبات الأساسية لاقتصاد حر يلعب فيه دور القيادة، قطاع خاص كفء وقادر، وفرصة المساهمة في بناء هذا الاقتصاد يجب أن تكون متاحة لكل المواطنين على أساس مشاركة حرة في سوق يخلو من الممارسات الاحتكارية.
- من الضروري إحداث توزيع جغرافي واسع للاستثمار حتى تشترك جميع المناطق في ثمار التنمية من أجل تضييق الفجوة في مستوى المعيشة بين المناطق المختلفة.
-  وجوب بذل العناية لتطوير الموارد البشرية المحلية من أجل جعلها قادرة على لعب دور أكثر حيوية في الاقتصاد الوطني، ومن الضروري في هذا المجال توسيع وتطوير البرامج التعليمية والتدريبية.
- أن الهدف الأساسي للتنمية الاقتصادية هو تنفيذ مشروعات مولدة للدخل، يضاف للدخل القومي حتى يتم رفد الاقتصاد بمصادر إضافية لدعم الموارد النفطية ولتأمين تقدم مناسب نحو المستقبل، وفي هذا الإطار يجب التركيز على الصناعة والزراعة والثروة السمكية.
     
ب – وكان من أهم أهداف وسياسات الخطة الخمسية الأولي (76 – 1980)هو تحقيق معدل نمو إيجابي للقطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني.
         
 ج – صدور المرسوم السلطاني رقم 19/79 بإنشاء مجلس الزراعة والأسماك والصناعة، وقد حدد المرسوم المشار إليه أهداف المجلس والتي منها.
1 – تحقيق سرعة تنمية قطاعات الزراعة والأسماك والصناعة.
2 – دعم دور القطاع الخاص العماني في تنمية تلك القطاعات.

ويمكن ايضاح خطورة الاعتماد على القطاع النفطي وحده إذا ما أخذنا في الاعتبار الارتباط الايجابي المباشر وغير المباشر للقطاع النفطي بالقطاعات الأخرى غير النفطية -في هذه المرحلة- للدرجة التي لا يمكن معها الاستمرار الطبيعي لأغلب تلك الأنشطة عند حدوث تدهور بالقطاع النفطي.

لا شك إذن أن تنويع مصادر الدخل أمر حيوي وغاية في الأهمية من أجل خلق اقتصاد حديث قادر على النجاح والاستمرار، ومتكامل بحيث يمكن معه تدعيم مستوى دخل كاف في الأوقات التي ينكمش فيها مستوى العائدات النفطية كما تم ذكره سواء كان ذلك بسبب تداعى أسعار النفط أو غير ذلك من الأسباب الأخرى وهي كثيرة.  

ولبيان مدى نجاح سياسة تنويع مصادر الدخل في اقتصاد السلطنة يمكن تتبع مساهمة القطاعات التي عول عليها من خلال اهتمامات الحكومة وسياساتها لكي تسهم في تنويع مصادر الدخل، يمكن المقارنة بين معدل مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 1970 و 2007 حيث كان ذلك المعدل لا يجاوز 30% في بداية الفترة ليرتفع إلى 55% بنهاية العام 2007 رغم ارتفاع العائدات النفطية كنتيجة لارتفاع أسعار النفط العالمية وما ترتب على هذا الارتفاع من إعادة استغلال الحقول النفطية عالية تكلفة الاستخراج، الأمر الذي يمكن معه القول بنجاح سياسة التنويع على المستوى الإجمالي.   

إلا أنه لابد من التنويه إلى أن وجود عدد من القطاعات التي لازالت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي متواضعة كقطاع الزراعة وقطاع الأسماك، أمر بحاجة لإعادة نظر. 

ومن التحديات التي تقف عائقاً أمام تطور هذا القطاع الحيوي والهام في الوقت الحالي والتي ندركها جميعا عدم توافر مياه الري الضرورية وتنامي مستوى ملوحة الأراضي الصالحة للزراعة في السهول ، إضافة إلى عدم وجود جهة حكومية أو خاصة ذات كفاءة عالية ومتخصصة في تسويق المنتجات الزراعية تستطيع تقديم العون للمزارعين في إيجاد منافذ داخلية أو خارجية لتصريف منتجاتهم، وأخيرا منافسة المنتج الخارجي.

ورغم تسليمنا بوجود الصعوبة الأولى – ندرة المياه اللازمة للري والملوحة- فإنه لابد لنا أن ندرك الأهمية الحيوية لهذا القطاع استنادا إلى القاعدة الاٌقتصادية التي تفيد أنه لا قيام لقطاع صناعي راسخ بمنأى عن قطاع زراعي قوي، وكذلك لأن تعزيز هذا القطاع هو خيار إستراتيجي لتأمين مصدر غذائي هام في أوقات الأزمات بشتى أنواعها. وأما فيما يتعلق بمنافسة المنتج الأجنبي فإن سياسة الإغراق التي يمكن أن تتبع من قبل بعض الدول المصدرة؛ لها عدد من الحلول خاصة في ظل اتفاقيات التجارة الدولية. إن إعادة النظر في الاهتمام بهذا القطاع يمكن أن تكون من خلال زاويتين، أولاهما إمكانية تذليل الصعوبات المشار إليها في السطور السابقة خاصة في ظل وجود تقدم علمي مذهل في التقنيات الزراعية، وثانيهما أنه لا يمكن لأحد الجزم بعدم عودة المناسيب الجوفية من المياه -التي نتج بانخفاضها ارتفاع مستوى ملوحة التربة- لمستوياتها السابقة مستقبلا لسببين هامين هما إمكانية تغير الظروف المناخية في أي لحظة والاهتمام الكبير من جانب الحكومة بإنشاء السدود وغير ذلك من الأمور التي تساعد كثيرا في حل المشكلة.             

وفيما يتعلق بقطاع الأسماك فلم تزد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي عن 0.5% (نصف بالمائة) بنهاية عام 2007 رغم أهميته المتوقعة المبنية على كون السلطنة تقع على سواحل تقدر بنحو 3000 كيلو متر وبحار تحوي ثروة سمكية تعد من أجود الأنواع على المستوى العالمي. إن تواضع مساهمة هذا القطاع وموضوع تطويره وتنميته بحق بحاجة لمزيد من البحوث و الدراسات.   

هناك تعليق واحد:

  1. Lucky Club Casino Site 2021 | Get a $300 Bonus!
    Lucky Club Casino is one of the most welcoming online casinos offering a diverse range of games from slots to blackjack and roulette. With more luckyclub than 600

    ردحذف